صلاة الفجر مقياس حبك لله
صلاة الفجر هي مقياس حبك لله عز وجل
كانت سعادة ذلك الشاب عظيمة حينما وافقت الشركة ذائعةالصيت على تعيينه بها .. وانطلق يطير فرحا .. فهو الوحيد من بين أقرانه الذي نالتلك الوظيفة .. وقد مضى ذلك العقد الذي يقضي بموافقته على الالتزام بمواعيد العملوتقديم التقارير أسبوعيا عن نشاطه وأدائه .. وموافقته على محاسبته عند التقصير ..
مضت أيام .. وذهب الشاب لمديره .. قائلا له : إنني لن أواظب بداية من الغدعلى الحضور في الميعاد .. ولن ألتزم بتقديم التقارير في الوقت المحدد بل سأقومبتأخيرها بعض الشيء .. ولكنني لن أسمح لكم بمحاسبتي .. بل ليس لكم الحق في طردي منالعمل ..
إننا إن تخيلنا هذا الموقف سوف نضحك ساخرين من ذلك الشاب وسيصفهالبعض بالجنون والحماقة .. فكيف يريد أخذ حقوقه دون تأدية الواجبات التي عليه ؟
فما بال الكثير منا يرتكب نفس الفعل العجيب .. بل وأقسى منه .. فهو يرتكبهفي حق الله سبحانه وتعالى .. فكيف يسمح شخص عاقل لنفسه .. أن يتنعم بكل ما حوله مننعم الله سبحانه وتعالى .. من طعام وشراب وكساء ومتع الدنيا .. ثم لا يقدّم للهأبسط الواجبات التي أمره بها .. ألا وهي الصلاة ؟ وإذا قدمها له قدمها في غير وقتها ... ينقرها كنقر الديكة .. لا يخشع فيها ولا يدرك ما يردد ..
في استطلاعللرأي شارك فيه أكثر من 8800 زائر لموقعنا إذاعة طريق الإسلام .. سألنا فيه زوارالموقع عن كم يوما صليت فيه الفجر حاضرا خلال الأسبوع الماضي، ولم نشترط فيه الصلاةبالمسجد .. فكانت النتيجة مخيبة للآمال .. فهناك 34 بالمائة لم يصلوا الفجر حاضرافي أي يوم، بينما 15 بالمائة صلوه مرتين أو مرة طوال الأسبوع، و19 بالمائة صلوه منست إلى ثلاث مرات .. و31 بالمائة واظبوا على الصلاة يوميا ونسبة قليلة فات منها يومواحد .. فسبحان الله .. نحن لا نتكلم في أمور اجتهادية اختلف فيها علماء .. أو في سنن يمكن للمسلم أن يفرّط فيها .. بل نتكلم في ألف باء الإسلام .. في الصلاةالتي فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلم تحت كل الظروف والأحوال ..
إنالله سبحانه وتعالى حينما أمر المسلمين بأداء الصلوات .. توعّد لأولئك الذينيؤخرونها عن أوقاتها فقال : { فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهمساهون } وقد قال المفسرون : المقصدون بهذه الآية تأخير الصلاة عن وقتها .. وقالوا أيضا : الويل هو واد في جهنم .. بعيد قعره .. شديدة ظلمته .. فهل تصدق أمةالإسلام كتاب ربها ؟
إن الكثير من المسلمين في هذا العصر أضاعوا صلاة الفجر .. وكأنها قد سقطت من قاموسهم .. فيصلونها بعد انقضاء وقتها بساعات بل يقوم بعضهمبصلاتها قبل الظهر مباشرة ولا يقضيها الآخرون.. فلماذا هذا التقصير في حق اللهسبحانه وتعالى ؟
- ألسنا نزعم جميعا أننا نحب الله سبحانه وتعالى أكثر منأي مخلوق على ظهر هذه الأرض ؟ .. إن الإنسان منا إذا أحب آخرا حبا صادقا .. أحبلقاءه .. بل أخذ يفكـّـر فيه جل وقته .. وكلما حانت لحظة اللقاء لم يستطع النوم .. حتى يلاقي حبيبه .. فهل حقا أولئك الذين يتكاسلون عن صلاة الفجر .. يحبون الله ؟ هلحقا يعظّمونه ويريدون لقاءه ؟
- دعونا نتخيل رجلا من أصحاب المليارات قدمعرضا لموظف بشركته خلاصته : أن يذهب ذلك الموظف يوميا في الساعة الخامسة والنصفصباحا لبيت المدير بهذا الرجل ليوقظه ويغادر ( ويستغرق الأمر 10 دقائق ).. ومقابلهذا العمل سيدفع له مديره ألف دولار يوميا .. وسيظل العرض ساريا طالما واظب الموظفعلى إيقاظ الثري ..
ويتم إلغاء العرض نهائيا ومطالبة الموظف بكل الأموال التيأخذها إذا أهمل ايقاظ مديره يوما بدون عذر ..
إذا كنت أخي المسلم في مكان هذاالموظف .. هل ستفرط في الاتصال بمديرك ؟
ألن تحرص كل الحرص على الاستيقاظ كل يوممن أجل الألف دولار ؟
ألن تحاول بكل الطرق إثبات عدم قدرتك على الاستيقاظ إذافاتك يوم ولم تتصل بمديرك ؟
ولله المثل الأعلى .. فكيف بك أخي الكريم .. واللهسبحانه وتعالى رازقك وهو الذي أنعم عليك بكل شيء .. نعمته عليك تتخطى ملايينالملايين من الدولارات يوميا فقد
قال : { وإن تعدوا نعمةالله لا تحصوها } .. أفلا يستحق ذلك الإله الرحيم الكريم منك أن تستيقظ لهيوميا في الخامسة والنصف صباحا لتشكره في خمس أو عشر دقائق على نعمه العظيمة وآلائهالكريمة ؟
حكم التفريط في صلاة الفجر :
قال الله تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا }
- إن الإسلام منهج شامل للحياة .. هو عقد بين العبد وربه .. يلتزم فيه العبد أمامالله بواجبات .. ونظير هذه الواجبات يقدم الله له حقوقا ومزايا .. فليس من المنطقيأن توافق على ذلك العقد .. ثم بعدها تفعل منه ما تشاء .. وتترك ما تشاء ..
ويقول الله سبحانه وتعالى : { يا أيها الذين آمنواادخلوا في السلم كافة } .. قال المفسرون : أي اقبلوا الإسلام بجميع أحكامهوتشريعاته. وقد غضب الله على بني إسرائيل حينما أخذوا ما يريدون من دينه ولم يعملوابالباقي فقال لهم : { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}
- لقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الذي يفرّط في صلاتي الفجروالعشاء في الجماعة بأنه منافق معلوم النفاق ! فكيف بمن لا يصليها أصلا .. لا فيجماعة ولا غيرها ... فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما (يعني من ثواب) لأتوهما ولو حبوا (أي زحفا على الأقدام) » رواه الإمامالبخاري في باب الآذان.
- إن الله سبحانه وتعالى يتبرأ من أولئك الذينيتركون الصلاة المفروضة .. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تترك الصلاة متعمدا، فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منهذمة الله ورسوله » رواه الإمام أحمد في مسنده.
فهل تحب أخي المسلم أنيتبرأ منك أحب الناس إليك ؟
فكيف تفوّت الصلاة ليتبرأ الله منك ؟
وبعد هذه المقالة .. ما هو العلاج ؟
أن يقوم كل منا بوضع منبّـه يضبطه على ميعاد صلاة الفجر يوميا.
أن يتم إعطاء الصلاة منزلتها في حياتنا فنضبط أعمالنا على الصلاة وليس العكس.
أن ننام مبكرا ونستيقظ للفجر ونعمل من بعده .. فبعد الفجر يوزع الله أرزاق الناس.
أن يلتزم كل منا بالصحبة الصالحة التي تتصل به لتوقظه فجرا وتتواصى فيما بينها على هذا الأمر.
أن نواظب على أذكار قبل النوم ونسأل الله تعالى أن يعيننا على أداء الصلاة.
أن نشعر بالتقصير والذنب إذا فاتتنا الصلاة المكتوبة ونعاهد الله على عدم تكرار هذا الذنب العظيم.
جعلنا الله وإياكم من المحبين لله عز وجل .. ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل.
هذا وما كان من صواب فمن الله .. وما كان من زلل أو خطأ فمن نفسي أو الشيطان.