قاعدة توضح لك الفرق بين الشرك الأكبر و الشرك الأصغر
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه و من اتبع هدا أما بعد،
هذه بعض أقول أهل العلم في الفرق بين الشرك الأكبر و الشرك الأصغر
قال الشيخ العثيمين -رحمه الله-في لقاء الباب المفتوح الشريط السابع
فضيلة الشيخ! متى يكون فعل الأسباب مشروعاً، ومتى يكون شركاً أصغر أو أكبر؟
الجواب
يكون فعل الأسباب مشروعاً إذا ثبت أن هذا السبب سبب حقيقي شرعي أو قدري، فالسبب الشرعي كالقراءة على المريض، والسبب القدري كالأشياء التي تعلم بالتجارب، ويكون هذا غير شرعي إذا كان هذا السبب لم يدل عليه الدليل، لا الدليل الشرعي ولا الدليل الواقعي، فإنه يكون هنا شركاً إما أصغر وإما أكبر، فإن اعتقد الإنسان أن السبب هو الفاعل بنفسه من دون الله فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنه سبب وأن الفاعل هو الله فهو شرك أصغر، إذا لم يقم دليل شرعي أو حسي على أنه سبب.
وهذا مثال يوضح القاعدة
لقاء الباب المفتوح – الشريط 168 الوجه الثاني
توجد ألفاظ شركية منتشرة كمن يقول: عندما جاءنا فلان جاء المطر، فهل هذه تعتبر شركاً أكبر أم شركاً أصغر؟
الجواب
يقول: إن بعض الناس إذا جاء المطر وصادف مجيء المطر مجيء شخصٍ آخر قال: لما جاءنا جاء المطر، فجعل مجيء الرجل سبباً للمطر، وهذا كذب، وما أدراه أن الله أنزل المطر من أجله؟!! فهذا قال على الله بلا علم، وفي هذا نوع من الشرك؛ لأنه أضاف الشيء إلى سببٍ غير معلوم، فعليه أن يتوب إلى الله ولا يعود.
السائل: هل يكون هذا شركاً أكبر أم أصغر؟
الشيخ: لا.
لا يكون شركاً أكبر؛ لأنه لم يقل: هذا الرجل هو الذي جاء بالمطر.
و قال في شرح كتاب التوحيد :
فإذا تطير إنسان بشيء رآه أو سمعه؛ فإنه لا يعد مشركا شركا يخرجه من الملة، لكنه أشرك من حيث إنه اعتمد على هذا السبب الذي لم يجعله الله سببا، وهذا يضعف التوكل على الله ويوهن العزيمة ، وبذلك يعتبر شركا من هذه الناحية، والقاعدة : ( إن كل إنسان اعتمد على سبب لم يجعله الشرع سببا؛ فإنه مشركا شركا أصغر ) .
وهذا نوع من الإشراك مع الله ؛ إما في التشريع إن كان هذا السبب شرعيا، وإما في التقدير إن كان هذا السبب كونيا، لكن لو اعتقد هذا المتشائم المتطير أن هذا فاعل بنفسه دون الله ؛ فهو مشركا شركا أكبر؛ لأنه جعل لله شريكا في الخلق والإيجاد .
و أيضا قال:
ولأحمد من حديث ابن عمرو : ( من ردته الطيرة عن حاجته؛ فقد أشرك). قالوا : فما كفارة ذلك ؟ قال : ( أن تقولوا: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)(1)
قوله : ( فقد أشرك ). أي: شركا أكبر إن اعتقد أن هذا المتشاءم به يفعل ويحدث الشر بنفسه، وإن اعتقده سببا فقط فهو أصغر؛ لأنه سبق أن ذكرنا قاعدة مفيدة في هذا الباب ، وهي: ( إن كل من اعتقد في شيء أنه سبب ولم يثبت أنه سبب لا كونا و لا شرعا؛ فشركه شرك أصغر؛ لأنه ليس لنا أن يثبت أن هذا سبب إلا إذا كان الله قد جعله سببا كونيا أو شرعيا؛ فالشرعي: كالقراءة و الدعاء، والكوني: كالأدوية التي جرب نفعها) .
(1)
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك قالوا يا رسول الله وما كفارة ذلك قال : ( قال يقول : " اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ) ( صحيح )
( إصلاح المساجد - (ج 1 / ص 116)
وقال الشيخ ابن باز-رحمه الله-في ( نور على الدرب ) الشريط 836.
يسأل أخوننا سماحتكم فيقول: نرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بتوضيح أنواع الشرك، وهل الحلف بغير الله شرك يخرج صاحبه من الملة ؟
ج : الشرك نوعان : شرك أكبر وشرك أصغر ، فالشرك الأكبر : صرف العبادة لغير الله أو بعضها ، كدعاء الأموات والاستغاثة بهم والنذر لهم أو للجن أو للملائكة أو غيرهم من الغائبين ، هذا يقال له شرك أكبر ، كما كانت قريش وغيرها من العرب يفعلون ذلك عند أصنامهم وأوثانهم ، ومن ذلك أيضا جحد الإنسان أمرا معلوما من الدين بالضرورة وجوبا أو تحريما ، فمن جحده كان كافرا ومشركا شركا أكبر ، كمن قال :إن الصلاة لا تجب على المكلفين من المسلمين ، أو قال :إن الزكاة لا تجب على من عنده أموال الزكاة ، أو قال : إن صوم رمضان لا يجب على المسلم المكلف ،هذا يكون كافرا مشركا ،أو أحل ما حرمه الله كما هو معلوم من الدين بالضرورة مما أجمع عليه المسلمون، كأن يقول : الزنا حلال ، أو شرب المسكر حلال ، أو عقوق الوالدين حلال ، أو السحر حلال ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا يكون كافرا ومشركا شركا أكبر ،
و القاعدة أن من صرف العبادة أو بعضها لغير الله من أصنام أو أوثان أو أشجار أو الجن أو أموات أو غيرهم من الغائبين فإنه مشرك شركا أكبر ، وكذلك الحكم فيمن جحد ما أوجب الله ، أو ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة قد أجمع عليه المسلمون ، فهذا يكون كافرا كفرا أكبر ومشركا شركا أكبر . وكل من أتى ناقضا من نواقض الإسلام يكون مشركا شركا أكبر كما مثلنا .
أما الشرك الأصغر فهو أنواع أيضا : مثل الحلف بغير الله ، والحلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالأمانة ، وبرأس فلان ، وما أشبه ذلك ، فهذا شرك أصغر ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : « من حلف بشيء دون الله فقد أشرك » وهكذا الرياء ، يقرأ للرائي أو يتصدق للرائي، فهذا شرك أصغر ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : « أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر " فسئل عنه فقال : " الرياء » . وهكذا لو قال : ما شاء الله وشاء فلان - بالواو - أو : لولا الله وفلان ، أو : هذا من الله ومن فلان ؛ فهذا مشرك شرك أصغر لقوله - صلى الله عليه وسلم - : « لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان » . ولما « قال رجل : يا رسول الله ما شاء الله وشئت ، قال : " أجعلتني لله ندا ؟ ما شاء الله وحده » .
وقد يكون الشرك الأصغر شركا أكبر إذا اعتقد صاحبه أن من حلف به غير الله أو قال : ما شاء الله وشاء فلان ، فإن له التصرف في الكون ، أو أن له إرادة تخرج عن إرادة الله وعن مشيئته الله سبحانه ، أو أن له قدرة يضر وينفع من دون الله ، أو اعتقد أنه يصلح أن يعبد من دون الله وأن يستغاث به ، فإنه يكون بذلك مشركا شركا أكبر بهذا الاعتقاد .
أما إذا كان مجرد حلف بغير الله من غير اعتقاد آخر ، لكن جرى على لسانه بالحلف بغير الله ؛ تعظيما لهذا الشخص سواء كان أهل لذلك ، يرى أنه نبي أو صالح ، أو لأنه أبوه أو أمه ، أو ما أشبه ذلك ، فإنه يكون من الشرك الأصغر وليس من الشرك الأكبر .
وأيضا في مجموع فتاويه (ج 8 / ص 31)
والحلف بغير الله من الشرك الأصغر عند أهل العلم ، فالواجب : الحذر منه ، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر ، وهكذا قول : ما شاء الله وشاء فلان ، ولولا الله وفلان ، وهذا من الله ومن فلان ، والواجب : أن يقال : ما شاء الله ثم شاء فلان ، أو لولا الله ثم فلان ، أو هذا من الله ثم من فلان ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا تقولوا : ماشاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا : ما شاء الله ثم شاء فلان »
وقال الشيخ صالح آل الشيخ –حفظه الله- في شرح كتاب التوحيد :
ثمّ لِمَ كان لُبس الحلقة أو الخيط من الشرك الأصغر ؟ الجواب : لأنه تعلق قلبه بها ، وجعلها سببا لرفع البلاء ، أو سببا لدفعه ، والقاعدة في هذا الباب : أن إثبات الأسباب المؤثرة وكون الشيء سببا : لا يجوز إلا من جهة الشرع فلا يجوز إثبات سبب إلا أن يكون سببا شرعيا ، أو أن يكون سببا قد ثبت بالتجربة الواقعة أنه يؤثر أثرا ظاهرا لا خفيا فمن لبس حلقة أو خيطا أو نحوهما لرفع البلاء أو دفعه فإنه يكون بذلك قد اتخذ سببا ليس مأذونا به شرعا ، وكذلك من جهة التجربة : لا يحصل له ذلك على وجه الظهور وإنما هو مجرد اعتقاد من الملابس لذلك الشيء فيه ، فقد يوافق القدر ، فيُشفى مِن حِين لُبس أو بعد لبسه ، أو يدفع عنه أشياء يعتقد أنها ستأتيه فيبقى قلبه معلقا بذلك الملبوس ، ويظن بل يعتقد أنه سبب من الأسباب ، وهذا باطل .
أما وجه كون لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه شركا أصغر : فإن من لبسها فقد تعلق قلبه بها ، وجعلها تدفع وتنفع ، أو جعلها تؤثر في رفع الضرر عنه ، أو في جلب المنافع له . وهذا إنما يستقل به الله - جل وعلا - وحده ؛ إذ هو وحده النافع الضار ، وهو - سبحانه وتعالى - الذي يفيض بالرحمة ، ويفيض بالخير أو يمسك ذلك . وأما الأسباب التي تكون سببا لمسبباتها فهذه لا بد أن يكون مأذونا بها في الشرع ؛ ولهذا يعبر بعض العلماء عما ذكرت بقوله : من أثبت سببا - يعني : ادّعى أنه يُحدِث المسبَّب ، أو يُحْدِث النتيجة - لم يجعله الله سببا ، لا شرعا ، ولا قدرا : فقد أشرك ، يعني الشرك الأصغر .
هذه القاعدة صحيحة - في الجملة - لكن قد يُشْكِل دخول بعض الأمثلة فيها ، لكن المقصود من هذا الباب : إثبات أن الأسباب لا بد أن تكون إما من جهة الشرع، وإما من جهة التجربة الظاهرة ، مثل : دواء الطبيب بالنار ، ومثل : الانتفاع ببعض الأسباب التي فيها الانتفاع ظاهر ، كأن تتدفأ بالنار أو تتبرد بالماء أو نحو ذلك ، فهذه أسباب ظاهرة بَيِّنَةُ الأثر ، فتحصَّل من هذا : أن تعلّق القلب بشيء لرفع البلاء ، أو دفعه لم يجعله الشارع سببا ، ولم يأذن به ، يكون نوع شرك ، وهذا مراد الشيخ بهذا الباب ؛ فإن لبس الخيط والحلقة من الشرك الأصغر .